د.م. عدنان وحود
منذ ما يقرب على النصف قرن يعيش المسلمون بشكل متزايد بين ظهرانيّ المجتمعات الغربية . هذه المعايشة تتيح لكثير من الغربيين التعرف - عن كثب - على المسلمين وعلى بعض شؤونهم وقضاياهم .. كثير من مثقفي المسلمين يحاولون تأدية دور سفراء حضارة وذلك عن طريق المعايشة المباشرة في مختلف شؤون الحياة ، وعن طريق المؤسسات الثقافية ، التي أنشأوها في ديار الغرب ، وعن طريق ندوات الحوار ، التي تفسح المجال للتعارف بين الحضارات والأديان . هذا كله يُكوِّن رصيد احترام متبادل بين أبناء الشرق والغرب ،غيرأن بعض استراتيجيي الغرب المغرضين ، لا يروق لهم هذا التطور الإيجابي ، فيحاولون من حين لآخر ، بثّ أو افتعال أحداث ، ليحصدوا عن طريقها ، ما يصور للمجتمعات الغربية تأخر المسلمين جميعاً عن الركب الحضاري .
على رغم كل هذه المحاولات البائسة للطعن في الإسلام والمسلمين ، لا ينعدم في ديار الغرب بعض المواقف الطيبة نتيجة للدور الحضاري ، الذي يؤديه كثير من أبناء المسلمين . في الرسالة التالية نسجّل للقسيس ” جيرد جروبر “ موقفاً عادلاً :
عزيزي السيد وحوّد :
بصدد أحداث هذه الأيام عزمت على اكتساب القسيسين البروتستانتينيين لتوجيه « رسالة مفتوحة » للرأي العام . القسيس ” أندرياس لاي “ من ” كنيسة اليسوع “ والمتحدث باسم القسيسين كان داعماً لهذا المشروع ، وحصل على قبول عميد الكنائس الكاثوليكية ” جيباور “ على التوقيع .
مع الأسف لم يرغب أو لم يستطع جميع زملائي على التوقيع ، وهذا أدى إلى فشل المشروع مما يحزنني جداً .
برفقه أرسل إليك ولأسرتك النص المقترح لـ « الرسالة المفتوحة » لأعبر لك بذلك عن موقفي الشخصي وموقف زوجتي ..
القسيس ” لاي “ سوف يسعى معك ومع العميد ” جيباور “ لوضع نص لموقف جديد .
لروابطنا معك ومع أسرتك
يوحنا وجيرد جروبر
اقتراح لـ ” الرسالة المفتوحة “
العلاقة بين الإسلام والعالم الغربي ، التي غالباً يشوبها المشاكل لأسباب كثيرة ، تُحَمَّلُ في هذه الأيام مزيداً من العبء بداية في الدانمارك بل وفي هذه الأيام في الصحف الألمانية تشكل الرسوم الكاريكاتورية للرسول ” محمد “ جرحاً عميقاً للمسلمين في جميع أنحاء العالم . جماعات متطرفة في الشرق الأدنى والأوسط تحاول حصد المبررات لخطبها في التحريض على الغرب .
الإسلام يحرم قطعياً على المسلمين تجسيد الرسول ” محمد “ في صور . لأجل هذه الخلفية نتفهم عمق جرح شعور المسلمين الشديد في عقيدتهم عن طريق الكاريكاتورات الخبيثة .
بحق نحن ننتظر من المسلمين الذين يعيشون بيننا ، أن يحترموا قيّم بلدنا ، وأن يندمجوا في مجتمعنا . شرط ذلك حسب فهمنا ، أن يحترم مجتمعنا عقيدة المسلمين أيضاً . إغفال هذا الاحترام لا يمكن أن يبرر في رؤيتنا بحق حرية الصحافة .
نحن نريد أن نعبّر للمسلمين في مدينة ” لينداو/ألمانيا “ عن خجلنا كمسيحيين من هذه العملية .
القسيس جيرد جروبر